24 مايو 2015

الرد على دعوى عماد فراج أن الإمام أحمد تفرد بعدم تكفير المرجئة

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:




بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد: 



قال المضلل والمكفر للأمة الإسلامية في مقاله الأخير: " ولا أعلم أحداً صرح بعدم كفرهم، إلا ما ورد عن أحمد كما في رواية الشالنجي عنه، وما عدا ذلك فكلامهم صريح في تكفيرهم، وهو منقول عن أحمد أيضاً "



أقول: فهذا مدى علم الرجل إذ يخفى عنه جليات مسائل العلم ولعله لم يجده في الجوجل 

فهذه الدعوى لا أتذكر لها نظيرا في الجهل بالآثار السلفية المشهورة وأقوال الأئمة المأثورة إلا بصعوبة وإجهاد النفس



فلنذكر لقطب الأزمان ومجدد الأعصار والأمصار الذي لم يساوه أحد في السنة مذ القرن الثالث قطُ (وهذا لسان حاله وإن لم يصرح به) بالقائلين بعدم تكفيرهم من أئمة السنة وفقهاء الأمصار


أحمد بن حنبل

قال الخلال: " أخبرنى موسى بن سهل قال: حدثنا محمد بن أحمد الأسدى قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب عن إسماعيل بن سعيد قال: سألت أحمد هل تخاف أن يدخل الكفر من قال: الإيمان قول بلا عمل؟ فقال: لا يكفرون بذلك"

ولم ينفرد إسماعيل بن سعيد بهذا عن أحمد بل إن عامة رواياته وتصرفاته دالة على ذلك ولا يحيد عن ذلك إلا ضعيف العقل أو الديانة

قال حرب الكرماني: "سمعت أحمد يقول: لا يصلي خلف من يزعم أن الإيمان قول إذا كان داعية" فقيده بالداعية 

ثم حتى الدعاة ليس معنى منعه من الصلاة خلفهم تكفيره لهم بل هو بمعنى الهجرة وهذا قوله في سائر أهل البدع إذ قال في مسائل الكوسج: " لَا يُصَلَّى خَلْفَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ إِذَا كَانَ دَاعِيَةً إِلَى هَوَاهُ"

وغاية الأمر أنه قد يكفر أفرادا منهم ممن قامت عليه الحجة الخاصة وأظهر عنادا وردا لحديث رسول الله كما قال في رواية الخلال إذ قال: " أَخْبَرَنِي مَنْصُورُ بْنُ الْوَلِيدِ، أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ النَّسَائِيُّ حَدَّثَهُمْ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يُسْأَلُ عَنْ مُرْجِئٍ يُتْلَى عَلَيْهِ الشَّيْءُ مِنَ الْقُرْآنِ، فَيَرُدُّهُ رَدًّا عَنِيفًا، قَالَ: «لَا تُصَلِّ خَلْفَهُ"

فليس هناك روايات عنه في المسألة أصلا بل مذهبه واحد ولا تعارض في المنقول عنه

وكل تصرفاته وأقواله دالة على عدم تكفير المرجئة 

قال أحمد في رواية أبي داود: احتملوا من المرجئة الحديث"

قال أبو داود السجستانى: قلت لأحمد: لنا أقارب بخراسان يرون الإرجاء فنكتب إلى خراسان نقرئهم السلام؟ قال: سبحان اللّه لم لا نقرئهم قلت أحمد: نكلمهم؟ قال: نعم إلا أن يكون داعيا ويخاصم فيه

قال عبد الله في العلل: "قَالَ (أي أبوه) عبد الْعَزِيز بن أبي رواد رجل صَالح وَكَانَ مرجئا وَلَيْسَ هُوَ فِي الثبت مثل غَيره"

قال الفضل: "قُلْت : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ كَيْفَ يُصْنَعُ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَالَ أَمَّا الْجَهْمِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ فَلَا ، قِيلَ لَهُ : فَالْمُرْجِئَةُ قَالَ : هَؤُلَاءِ أَسْهَلُ إلَّا الْمُخَاصِمَ مِنْهُمْ فَلَا تُكَلِّمْهُ"

فجعل أمرهم أسهل من أمر الجهمية والرافضة أما المارق ونظراؤه فجعلوهم سواء!

قال المروذي: سألته عن عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد، كيف هو؟ فقال: كان مرجئاً، قد كتبت عنه، وكانوا يقولون: أفسد أباه، وكان منافراً لابن عيينة، وكان أبو عبد الله يحدث عن المرجئ، إذا لم يكن داعية او مخاصماً. ((سؤالاته)) (213).

وقال ابن هانيء: سألته (يعني أبا عبد الله أحمد بن حنبل) عمن قال الإيمان قول، يصلى خلفه؟ قال: إذا كان داعية إليه لا يصلى خلفه وإذا كان لا علم لديه أرجو أن لا يكون به بأس. ((سؤالاته)) (301).

ليس عن أبي عبد الله في هذا قولان بل مذهبه واحد ومن نقلهما عنه فقد غلط عليه غلطا واضحا وكلام شيخ الإسلام في ذلك محرر ونفيس

أبو عبيد القاسم بن سلام

قال أبو عبيد في كتابه الإيمان: "قَدْ ذَكَرْنَا مَا كَانَ مِنْ مُفَارَقَةِ الْقَوْمِ (أي المرجئة) إِيَّانَا فِي أَنَّ الْعَمَلَ مِنَ الْإِيمَانِ , عَلَى أَنَّهُمْ وَإِنْ كَانُوا لَنَا مُفَارِقِينَ فَإِنَّهُمْ ذَهَبُوا إِلَى مَذْهَبٍ قَدْ يَقَعُ الْغَلَطُ فِي مِثْلِهِ , ثُمَّ حَدَّثَتْ فِرْقَةٌ ثَالِثَةٌ شَذَّتْ عَنِ الطَّائِفَتَيْنِ جَمِيعًا , لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَلَا الدِّينِ , فَقَالُوا: الْإِيمَانُ مَعْرِفَةٌ بِالْقُلُوبِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ , وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَوْلٌ وَلَا عَمَلٌ وَهَذَا مُنْسَلِخٌ عِنْدَنَا مِنْ قَوْلِ أَهْلِ الْمِلَلِ الْحَنَفِيَّةِ , لِمُعَارَضَتِهِ لِكَلَامِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالرَّدِ وَالتَّكْذِيبِ"

فتأمل قوله "قد يقع الغلط في مثله" وعدم مقارنته بين هؤلاء وبين الجهمية

قال الحرب الكرماني حدثنا إبراهيم بن عبد الله الأنصاري، عن أبي عبيد، قال: «أما الصَّلاة خَلفَ القَدَريِّ والخارِجيِّ والمرجئ؛ فلا أحِبُّها ولا أراها، فإن صَلَّى رَجلٌ لم أُفسِد صَلاته، ولم آمُره بِالإعادَة»

قال شيخنا: " قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتابه الإيمان :" اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ , أَنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ وَالْعِنَايَةِ بِالدِّينِ افْتَرَقُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ فِرْقَتَيْنِ , فَقَالَتْ إِحْدَاهُمَا: الْإِيمَانُ بِالْإِخْلَاصِ لِلَّهِ بِالْقُلُوبِ , وَشَهَادَةِ الْأَلْسِنَةِ , وَعَمَلِ الْجَوَارِحِ وَقَالَتِ الْفِرْقَةُ الْأُخْرَى: بَلِ الْإِيمَانُ بِالْقُلُوبِ وَالْأَلْسِنَةِ , فَأَمَّا الْأَعْمَالُ فَإِنَّمَا هِيَ تَقْوَى وَبِرٌّ , وَلَيْسَتْ مِنَ الْإِيمَانِ وَإِنَّا نَظَرْنَا فِي اخْتِلَافِ الطَّائِفَتَيْنِ , فَوَجَدْنَا الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ يُصَدِّقَانِ الطَّائِفَةَ الَّتِي جَعَلَتِ الْإِيمَانَ بِالنِّيَّةِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ جَمِيعًا" هـ

فسماهم أهل العلم والعنايىة بالدين فلو رأى المترفض مثل هذا عن ابن تيمية لأقام عليه الدنيا 

إسحاق بن راهويه

• وسُئل إسحاق بن إبراهيم عن الرجل يقول: «أنا مؤمِنٌ حَقًّا»؛ هل يُصَلَّى خَلفَه؟ قال: «إن كان داعيَةً؛ لم يُصَلَّ خَلفَه». 

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى: "فأما من يكفر ببدعته فحكمه حكم الكفار ولذلك فرق إِسْحَاق بن راهوية بَيْن القدري والمرجىء، فَقَالَ فِي القدري: لا يصلى خلفه. وَقَالَ فِي المرجىء: إن كَانَ داعية لَمْ يصل خلفه"

عبد الرحمن بن مهدي

قال شيخنا: "قال أبو نعيم في الحلية حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدِ بْنِ عُمَرَ، ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنُ عُمَرَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مَهْدِيٍّ، وَسُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ خَلْفَ أَصْحَابِ الْأَهْوَاءِ، فَقَالَ: " يُصَلَّى خَلْفَهُمْ مَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً إِلَى بِدْعَتِهِ مُجَادِلًا بِهَا، إِلَّا هَذَيْنِ الصِّنْفَيْنِ: الْجَهْمِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ؛ فَإِنَّ الْجَهْمِيَّةَ كُفَّارٌ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَالرَّافِضَةُ يَنْتَقِصُونَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "

ولا شك أن الإرجاء من الأهواء الداخلة في قوله" هـ

قلت: قال الإمام أبو بكر بن المنذر في الأوسط: "قال عبد الرحمن بن مهدي: ما كنت لأعرض أحدا من أهل الأهواء على السيف إلا الجهمية، فإنهم يقولون قولا منكرا" 


سفيان الثوري

قال شيخنا "قال العقيلي في الضعفاء  "حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ مُؤَمَّلَ بْنَ إِسْمَاعِيلَ يَقُولُ: إِنَّ سُفْيَانَ الثَّوْرِيَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَى ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ فَقِيلَ لَهُ: " وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرَى الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ هُوَ دُونَهُ عِنْدِي، وَلَكِنِّي أَرَدْتُ أَنْ أُرِيَ النَّاسَ أَنَّهُ مَاتَ عَلَى بِدْعَةٍ"

فهل يرى سفيان صحة الصلاة على رجل بدعته مكفرة ويقول ( أرى الصلاة على من دونه ) ؟!"

وهذا استدلال نفيس وكلامه هنا يقيد ما ورد  عنه من أمره بعدم الصلاة خلف من يقول الإيمان قول بأنه إنما أراد الهجرة لا التكفير

مالك وأصحابه

قال الإمام ابن أبي زيد القيرواني: "وذكر ابن حبيب في كتاب آخر عن مطرف وابن الماجشون وابن عبد الحكم وأصبغ أنهم قالوا في أهل الأهواء من أهل البدع كلها: القدرية والإباضية والحرورية والمرجئة وجميع أهل الأهواء إنهم على الإسلام متماسكين به، إلا إنهم ابتدعوا وحرفوا كتاب الله وتأولوه على غير تأويله، إنهم يستتابون، فإن تابوا وإلا قتلوا، وأن من قتل منهم أو مات على ذلك فميراثه لورثته من المسلمين"

جاء في شرح الخليل: "( فَرْعٌ ) رَوَى عِيسَى  عيسى بن دينار عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ الْأَهْوَاءِ الَّذِينَ عَلَى الْإِسْلَامِ مِثْلِ الْمُرْجِئَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ إذَا قُتِلُوا عَلَى بِدْعَتِهِمْ فَوَرَثَتُهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يَرِثُونَهُمْ ا هـ

قَالَ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي "لَمْ يَرَ مَالِكٌ اسْتِتَابَةَ الْقَدَرِيَّةِ وَسَائِرِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَقَتْلَهُمْ إِنْ لَمْ يَتُوبُوا مِنْ جِهَةِ الْكُفْرِ وَإِنَّمَا رَأَى قَتْلَهُمْ مِنْ جِهَةِ الْفَسَادِ فِي الدِّينِ لِأَنَّهُمْ أَعْظَمُ فَسَادًا مِنَ الْمُحَارِبِينَ" 

قال ابن القاسم فى العتبية : أما أهل الأهواء الذين على الإسلام العارفون بالله مثل القدرية والإباضية وما أشبهها ممن هو على خلاف ما عليه جماعة المسلمين من البدع والتحريف لتأويل كتاب الله فإنهم يستتابون ، أظهروا ذلك أم أسروا ، فإن تابوا وإلا قتلوا ، وبذلك عمل عمر بن عبد العزيز ، ومن قتل منهم فميراثه لورثته ؛ لأنهم مسلمون ، وهذا إجماع ، وإنما قتلوا لرأيهم السوء"

وسئل سحنون قيل له : فما تقول فى الصلاة خلف أهل البدع ؟ قال : لا تعاد فى وقت ولا بعده ، وبذلك يقول أصحاب مالك : أشهب ، والمغيرة وغيرهما ، وإنما يعيد الصلاة من صلى خلف نصرانى ، وهذا مسلم فكما تجوز صلاته لنفسه كذلك تجوز لغيره إذا صلى خلفه ، وأما النصرانى فلا تجوز صلاته لنفسه فكذلك لا تجوز لغيره ، ومن يوجب الإعادة أبدًا أنزله بمنزلة النصرانى ، وركب قياس قول الإباضية والحرورية الذين يكفرون الناس بالذنوب"

فهنا نقف مع المجرم وقفتين فنقول: 

أولا: لا يخفى عنك ما في ظاهر عباراتهم من الإيهام في عدم تكفير أهل الأهواء مطلقا فلزمك أن تقول أن أقل حال مالك وأصحابهم أنهم مبتدعة ضلال لأنهم تكلموا بكلمة توهم باطلا ومن كان هذا حاله فهو مبتدع ولا يغنيك أن تقول "لهم كلام صريح في موضع آخر في تكفير الجهمية وغلاة الرافضة" فقد امتنعت أن تسلك هذا المسلك مسلك العدل مع أئمة الدعوة اللذين حالهم حال أصحاب مالك في هذا فقد لزمك نفس الحكم عليهم هنا

وكذلك لزمك أن تبدع بنفس التعليل جماعات كبيرة من أئمة السلف الذين قالوا لا نخرج من الإسلام بذنب فتعقيب الإمام أحمد على العبارة بالجهمية وتاركي الصلاة معروف

ثانيا: إذا كنت لم تبحث في قول السلف من أهل المدينة فأي شيء في العلم أنت وما قيمة دعاويك العريضة المستمرة أصلا؟

أبو حاتم وابن أبي حاتم وأبو رزعة الرازيون

قال شيخنا: "وقال أبو حاتم وأبو زرعة في عقيدتهما التي نقلا عليها الإجماع :" وَالْمُرْجِئَةُ مُبْتَدِعَةُ ضُلَّالٌ , وَالْقَدَرِيَّةُ مُبْتَدِعَةُ ضُلَّالٌ , فَمَنْ أَنْكَرَ مِنْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَعْلَمُ مَا لَمْ يَكُنْ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ فَهُوَ كَافِرٌ" 

وتخصيصهم لهم بالتبديع يدل على أنهم يكفرونهم بدليل قرنهم بالقدرية الذين لا يكفرون عندهم وخصصوا نفاة العلم من القدرية بالكفر وألفاظ هذه العقيدة منتقاة" هـ

فقد قالوا: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً ومصراً وشاماً ويمناً، فكان مذهبهم.."

فقد أدركوا على عدم تكفير المرجئة كل شيوخهم وهم آلاف من أئمة السلف وعلمائهم ثم يخرج إلينا هذا الجهول ويقول إنه لا يعلم أحدا وافق أحمد في عدم تكفيرهم!! فليكتب مقالا في بيان جهل الرازيين وشويخهم بإجماع سلفي مزعوم على تكفير المرجئة!!

محمد بن إدريس الشافعي

له كلام صريح في كتاب الأم في عدم تكفير أهل الأهواء وإجازة شهداتهم والصلاة خلفهم

قال الإمام رضي الله عنه: " وَكُلُّ من تَأَوَّلَ فَأَتَى شيئا مُسْتَحِلًّا كان فيه حَدٌّ أو لم يَكُنْ لم تُرَدَّ شَهَادَتُهُ بِذَلِكَ أَلَا تَرَى أَنَّ مِمَّنْ حُمِلَ عنه الدِّينُ وَنُصِبَ عَلَمًا في الْبُلْدَانِ من قد يَسْتَحِلُّ الْمُتْعَةَ فيفتى بِأَنْ يَنْكِحَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ أَيَّامًا بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا من أَهْلِ الْفِقْهِ مُحَرَّمٌ وَأَنَّ منهم من يَسْتَحِلُّ الدِّينَارَ بِعَشَرَةِ دَنَانِيرَ يَدًا بِيَدٍ وَذَلِكَ عِنْدَنَا وَعِنْدَ غَيْرِنَا من أَهْلِ الْفِقْهِ مُحَرَّمٌ وَأَنَّ منهم من قد تَأَوَّلَ فَاسْتَحَلَّ سَفْكَ الدِّمَاءِ وَلَا نَعْلَمُ شيئا أَعْظَمَ من سَفْكِ الدِّمَاءِ بَعْدَ الشِّرْكِ وَمِنْهُمْ من تَأَوَّلَ فَشَرِبَ كُلَّ مُسْكِرٍ غير الْخَمْرِ وَعَابَ على من حَرَّمَهُ وَغَيْرُهُ يُحَرِّمُهُ وَمِنْهُمْ من أَحَلَّ إتْيَانَ النِّسَاءِ في أَدْبَارِهِنَّ وَغَيْرُهُ يُحَرِّمُهُ وَمِنْهُمْ من أَحَلَّ بُيُوعًا محرمه عِنْدَ غَيْرِهِ فإذا كان هَؤُلَاءِ مع ما وَصَفْت وما أَشْبَهَهُ أَهْلَ ثِقَةٍ في دِينِهِمْ وَقَنَاعَةٍ عِنْدَ من عَرَفَهُمْ وقد تَرَكَ عليهم ما تَأَوَّلُوا فأخطأوا فيه ولم يُجْرَحُوا بِعَظِيمِ الخطأ إذَا كان منهم على وَجْهِ الِاسْتِحْلَالِ كان جَمِيعُ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ في هذه الْمَنْزِلَةِ "

قال الإمام: " أَنِّي أُحِبُّ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَهْلُ الْفَضْلِ في كل حَالٍ في الْإِمَامَةِ وَمَنْ صلى صَلَاةً من بَالِغٍ مُسْلِمٍ يُقِيمُ الصَّلَاةَ أَجْزَأَتْهُ وَمَنْ خَلْفَهُ صَلَاتُهُمْ وَإِنْ كان غير مَحْمُودِ الْحَالِ في دِينِهِ أَيْ غَايَةً بَلَغَ يُخَالِفُ الْحَمْدَ في الدِّينِ وقد صلى أَصْحَابُ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم خَلْفَ من لَا يَحْمَدُونَ فِعَالَهُ من السُّلْطَانِ وَغَيْرِهِ.  أخبرنا مُسْلِمٌ عن بن جُرَيْجٍ عن نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بن عُمَرَ اعْتَزَلَ بِمِنًى في قِتَالِ بن الزُّبَيْرِ وَالْحَجَّاجِ بِمِنًى فَصَلَّى مع الْحَجَّاجِ"

قال الإمام ابن المنذر: " واختلفوا في استتابة أهل البدع، مثل القَدَرية والإباضية. وفي قول الشافعي: لا يستتابون. وكان يذم الكلام ذماً شديداً. وكان يقول: لأن يلقى الله العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء"

فنقف مع عدو الله وقفة فنقول: 

أولا: لا يخفى عنك ما في إطلاقات الإمام الشافعي مما قد يُحدث إشكالا عند بعض الناس فقد استنبط بعض متأخري أصحابه من هذه النصوص عدم تكفير أهل الأهواء مطلقا على أي صفة كانوا وأدخلوا فيهم الجهمية وأمثالهم 

فلزمك أن تبدعه على أصلك الفاسد في عدم الالتفات إلى مطلق ومقيد وعام وخاص من كلام العلماء وجمع مذهبهم وكلامهم في الباب كما صنعت في حق أئمة الدعوة وغيرهم ظلما وفجورا وميلا عن سبيل أهل الإسلام إلى سبيل أهل الرفض والنفاق

ثانيا: نعم نصوصه هذه مطلقة قد قيدت بما ورد من صحيح نصوصه في تكفير غلاة القدرية وتكفير الجهمية لكن أين نصوصه بتكفير المرجئة؟ وهذا مستحيل على الشافعي يوعرف استحالته كل من له عناية بكلامه وأصوله وسيرته لا العناية بالجوجل والطعن في الأئمة فلينه مع محمد بن الحسن في بعض الأحيان معروف مع انتقاده الشديد له وردوده المستمرة عليه  وهو رأس في الإرجاء  ولو كان عنده كافرا لما استجاز أن يجالسه ويتباحث معه وأن يخاطبه مخاطبة أهل الإسلام 

ولا تتشبث بما روي عنه في ذم الكلام من منعه الصلاة خلف المرجئة فالسند فيه رجل مجهول العين وهو لا يشبه كلام الشافعي وأصوله 

وأخيرا فإن طائفة من الأئمة أجازت الصلاة خلف أهل الأهواء مطلقا فيدخل المرجئة في هذا دخولا أوليا فإن بدعتهم مخففة وليست مغلظة 

قال ابن عبد البر الحافظ: " قال أبو عمر اتفق بن أبي ليلى وبن شُبْرُمَةَ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَصْحَابُهُمَا وَالثَّوْرِيُّ وَالْحَسَنُ بن حي وعثمان التبي وُدَاوُدُ وَالطَّبَرِيُّ وَسَائِرُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الْفِقْهِ إِلَّا مَالِكًا وَطَائِفَةً مِنْ أَصْحَابِهِ عَلَى قَبُولِ شَهَادَةِ أَهْلِ الْبِدَعِ الْقَدَرِيَّةِ وَغَيْرِهِمْ إِذَا كَانُوا عُدُولًا وَلَا يَسْتَحِلُّونَ الزُّورَ وَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ عَلَى تَصْدِيقِ بَعْضٍ فِي خَبَرِهِ وَيَمِينِهِ كَمَا تَصْنَعُ الْخَطَّابِيَّةُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَشَهَادَةُ مَنْ يَرَى إِنْفَاذَ الْوَعِيدِ فِي دُخُولِ النَّارِ عَلَى الذَّنْبِ إِنْ لَمْ يَتُبْ مِنْهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ شَهَادَةِ مَنْ يَسْتَخِفُّ بِالذُّنُوبِ قَالَ أَبُو عُمَرَ كُلُّ مَنْ يُجِيزُ شَهَادَتَهُمْ لَا يَرَى اسْتِتَابَتَهُمْ وَلَا عَرْضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ "

وقول بشذوذ مالك بعدم قبول شهادة أهل البدع من تهويله على عادته إلا أن المقصود نقله عن طائفة كبيرة من الأئمة القول بقبول شهادة أهل الأهواء وعدم استتابتهم فدخلت فيهم المرجئة دخولا أوليا وخص منهم الجهمية وغلاة الروافض بالإجماع والنصوص الصريحة عن هؤلاء الأئمة أنفسهم مما لا يوجد في المرجئة أبدا

ومن هذا الباب ما روى بشر بن الْوَلِيد عَن أبي يُوسُف قَالَ حَدثنَا ابْن أبي ليلى أَن عِيسَى بن مُوسَى قَالَ لَهُ أتجيز شَهَادَة أهل الْأَهْوَاء قَالَ قلت نعم وأراهم لذَلِك أَهلا إِنَّمَا أدخلهم فِي الْهوى الدّين إِلَّا الخطابية فَإِن بَعضهم يقبل عين بعض فَيشْهد لَهُ فَلَا أُجِيز شَهَادَة هَؤُلَاءِ"

وأخيرا أدعوا المسلمين الذين ما زال فيهم من يغتر بهذا الرجل أن يستفيقوا وأن يفهموا لعبته جيدا فإنه رجل قليل العلم والديانة والأدب والأخلاق والمروءة ولا يتوقف عن اتركاب أي رذيلة في حق من يريد الطعن فيه

وهذا عين ما صنع مع أبي جعفر لما عجز عن المحاججة ووقف أمام الأمرين لا ثالث لهما إما أن يقر ببطلان منهجه ومخالفته للأولين إما أن يبدع كبار أئمة السلف فيظهر مروقه فعدل إلى المهاترات الشخصية والتنقب عن الأشياء القديمة حتى يرمي بها المخالف لأئلا يُسمع له قول

مع أن رميه أبا جعفر بالطعن في السلف عين الفجور والتهويل وتقليب الحقائق إنما الطاعن في سلف الأمة وأئمتها هو هذا الزنديق الفاجر وأما شيخنا فمدافع عنهم وعمن سلك سبيلهم مظاهر لهم على بغي عدو الله وعدوانه ومبرز لمنهج السلف في التعامل مع أهل العلم والفضل والدين الذين وقعوا في أخطاء في مسائل ممكنة الخفاء عن أمثالهم

وليس له من البحث العلمي المعتدل نصيب وما وقع له هنا أدل دليل وأبين بيان على ذلك فإن أئمة أهل الكوفة والمدينة والعراق والخرسان والحجاز ومصر واليمن لا يكفرون المرجئة فيجهل الجليات بل يعكسها ويطعن فيمن سلك مسلك الأئمة وأخذ بقول عليه العمل ولم يعلم له خلافا فلا تمرضوا قلوبكم بالقراءة لشبهاته المريضة وما يجمعه من الجوجل من مواقع الرافضة وما يأتي له من هنا أو هناك من أمثاله من الجهلة 

هذا وصل الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق