09 مارس 2024

العفيف التلمساني والنووي

 

  بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:


العفيف التلمساني (ت. 690 هـ) : من أشنع القائلين بوحدة الوجود وإسقاط الشرائع والأديان والأخلاق

قال كمال الدين المراغي: كنت أقرأ عليه في «فصوص الحكم» ، فلما صار يشرحه لي أقول: هذا خلاف القرآن والأحاديث، فقال العفيف: ارم هذا كله خلف الباب واحضر بقلب صافٍ حتى تتلقى هذا التوحيد! «مجموع الفتاوى» (2/ 245)

قال ابن تيمية: وَالتِّلْمِسَانِيُّ الْمُلَقَّبُ بِالْعَفِيفِ، كَانَ مِنْ أَفْجَرِ النَّاسِ، وَكَانَ أَحَذَقَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاحِدَةِ.
وَلَمَّا قُرِئَ عَلَيْهِ كِتَابُ " فُصُوصُ الْحِكَمِ " لِابْنِ عَرَبِيٍّ قِيلَ لَهُ: هَذَا الْكَلَامُ يُخَالِفُ الْقُرْآنَ، قَالَ: الْقُرْآنُ كُلُّهُ شِرْكٌ، وَإِنَّمَا التَّوْحِيدُ فِي كَلَامِنَا فَقِيلَ لَهُ: إِذَا كَانَ الْوُجُودُ وَاحِدًا، فَلِمَاذَا تَحْرُمُ عَلَيَّ أُمِّي وَتُبَاحُ لِي امْرَأَتِي؟
فَقَالَ: الْجَمِيعُ عِنْدَنَا حَلَالٌ، وَلَكِنْ هَؤُلَاءِ الْمَحْجُوبُونَ قَالُوا: حَرَامٌ، فَقُلْنَا: حَرَامٌ عَلَيْكُمْ

قال ابن تيمية: كان التِّلِمْساني مرةً مريضًا فدخل عليه شخصٌ ومعه بعض طلبة الحديث، فأخذ يتكلَّم على قاعدته في الفِكْر أنه حِجَاب، وأن الأمر مدارُه على الكَشْف، وغرضُه كشفُ الوجود المطلق، فقال ذلك الطالب: فما معنى قول أم الدرداء: «كان أفضلُ عمل أبي الدَّرداء التفكُّرُ» ، فتبرَّم بدخول مثل هذا عليه، وقال للذي جاء به: كيف يدخلُ عليَّ مثل هذا؟ ! ثم قال: أتدري يا بنيّ ما مَثَل أبي الدرداء وأمثاله؟ مَثَل أقوامٍ سمعوا كلامًا وحَفِظُوه لنا حتى نكونَ نحن الذين نفهمُه ونعرفُ مرادَ صاحبه، ومَثَلُه بَرِيدٌ حمَل كتابًا من السُّلطان إلى نائبه

قال ابن تيمية: وقيل له: ما الفرق بينكم وبين النصارى؟ فقال: النصارى كفروا بالتخصيص، يعني أنهم لو قالوا بالاتحاد العام لما كفروا

قال الذهبي: وكان يتُهم بالخمر والفسق والقيادة

وكان المزي وقد لزم في شبابه فلما تبين له انحلاله واتحاده تبرأ منه وحط عليه

قال أبو حيان: وَخَرَجَ ‌التِّلْمِسَانِيُّ مِنَ الْقَاهِرَةِ هَارِبًا إِلَى الشَّامِ مِنَ الْقَتْلِ عَلَى الزَّنْدَقَةِ

قال الصفدي: وَكَانَ ابن تيمية مغرىً بسبّ ابْن عَرَبِيّ محيي الدّين ‌والعفيف ‌التلمساني وَابْن سبعين وَغَيرهم من الَّذين ينخرطون فِي سلكهم وَرُبمَا صرح بسب الْغَزالِيّ وَقَالَ هم قلاووز الفلاسفة أَو قَالَ ذَلِك عَن الإِمَام فَخر الدّين سمعته يَقُول الْغَزالِيّ فِي بعض كتبه يَقُول الرّوح من أَمر رَبِّي وَفِي بَعْضهَا يدسّ كَلَام الفلاسفة ورأيهم فِيهَا وَكَذَلِكَ الإِمَام فَخر الدّين الرَّازِيّ كَانَ كثير الحطّ عَلَيْهِ.. وسمعته يَقُول عَن نجم الدّين الكاتبي الْمَعْرُوف بدبيران بِفَتْح الدَّال الْمُهْملَة وَكسر الْبَاء الْمُوَحدَة وَهُوَ الكاتبي صَاحب التواليف البديعة فِي الْمنطق فَإِذا ذكره لَا يَقُول إِلَّا دبيران بِضَم الدَّال وَفتح الْبَاء وسمعته يَقُول ابْن المنجس يُرِيد ابْن المطهّر الحلّي"

قال ابن خلدون: "فالحكم فى هذه الكتب كلها وأمثالها، إذهاب أعيانها متى وجدت، بالتحريق بالنار والغسل بالماء، حتى ينمحى أثر الكتابة، لما فى ذلك من المصلحة العامة فى الدين، بمحو العقائد المضلة"

وقال الجزري في تاريخه عن العفيف : إنه عمل ببلاد الروم أربعين خلوة، يخرج من واحدة ويدخل في أخرى، وله في كل عام تصنيف، وشرح الأسماء الحسني وشرح منازل السائرين وشرح مواقف النفري

قال كمال الدين الفوطي: التلمساني العارف كان من العلماء العارفين

في تاريخ البرزالي: وفي يوم الأربعاء خامس رجب توفي الشيخ الإمام الفاضل، عفيف الدين، أبو الربيع، سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين العابدي، ثم الكوفي، ثم التلمساني بدمشق، وصلّي عليه عصر النهار بالجامع، ودفن بمقابر الصوفية وكان رجلا فاضلا، وشيخا متميّزا..وكان له كلام على طريق الصوفية المتأخّرين وشرح «مقامات النفريّ»"

إجازة النووي له ورثاءه على النووي

قال الصفدي: وَرَأَيْت خطّ الشَّيْخ محيي الدّين النَّوَوِيّ رَحمَه الله تَعَالَى على كتاب الْمِنْهَاج لَهُ وَقد قَرَأَهُ ‌عفيف ‌الدّين ‌التلمساني وَولده شمس الدّين مُحَمَّد الْمَذْكُور وَقد أجازهما رِوَايَته عَنهُ

قال ابن العطار: ورثاه الفاضل الأديب أبو محمد سليمان بن علي؛ عُرف ‌بالعفيف ‌التلِمْساني :
نَعَمْ بَعْدَ (يَحْيىَ) مَعْهَدُ الفَضْلِ دارِسُ … فما أنْصَفَتْ إِنْ لَمْ تنحْهُ المَدارِسُ
في صَبْرُ مت عندي ويا حُزْنُ فَلْتَعِشْ … فإن (النواوِي) قَدْ حَوَتْهُ النواوِسُ إلى آخر الأبيات

سئل النووي عن ابن عربي وقال: "الذي  عندنا أنه يحرم على كل عاقل أن يسيء الظن بأحد من أولياء الله عز وجل ويجب  عليه أن يؤول أقوالهم وأفعالهم ما دام لم يلحق بدرجتهم ولا يعجز"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق