تفصيل جيد لابن القيم في تعلم علوم الآلة (العربية وأصول الفقه) والمنطق

 

  بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد:


تفصيل جيد لابن القيم في تعلم علوم الآلة (العربية وأصول الفقه) والمنطق

قال ابن القيم:

وَاعجَبا لمنطق اليونان … كم فِيهِ من إفْك وَمن بهتان
 مخبط لجيد الأذهان … ومفسد لفطرة الإنسان
 مُضْطَرب الأصول والمباني … على شفا هار بناه الْبَانِي
 أحوج مَا كَانَ إليه العاني … يخونه فِي السِّرّ والإعلان
 يمشي بِهِ اللِّسَان فِي الميدان … مشي مُقَيّد على صَفْوَان
 مُتَّصِل العثار والتواني … كَأَنَّهُ السراب بالقيعان
بدا لعين الظميء الحيراني … فأمه بِالظَّنِّ والحسبان
 يَرْجُو شِفَاء غلَّة الظمآن … فَلم يجد ثمَّ سوى الحرمان
 فَعَاد بالخيبة والخسران … يقرع سنّ نادم حيران
 قد ضَاعَ مِنْهُ الْعُمر فِي الأماني … وعاين الخفة فِي الْمِيزَان

 وَمَا كَانَ من هوس النُّفُوس بِهَذِهِ الْمنزلَة فَهُوَ بَأن يكون جهلا أولى مِنْهُ بَأن يكون علما تعلمه فرض كِفَايَة اَوْ فرض عين

وَهَذَا الشَّافِعِي وَأحْمَدْ وَسَائِر أئمة الاسلام وتصانيفهم وَسَائِر أئمة الْعَرَبيَّة وتصانيفهم وأئمة التَّفْسِير وتصانيفهم لمن نظر فِيهَا هَل راعوا فِيهَا حُدُود الْمنطق وأوضاعه وَهل صَحَّ لَهُم علمهمْ بِدُونِهِ أم لَا بل هم كَانُوا أجل قدرا وأعظم عقولا من أن يشغلو أفكارهم بهذيان المنطقيين وَمَا دخل الْمنطق على علم الا أفسده وَغير أوضاعه روشوش قَوَاعِده

وَمن النَّاس من يَقُول أن عُلُوم الْعَرَبيَّة من التصريف والنحو واللغة والمعاني وَالْبَيَان وَنَحْوهَا تعلمهَا فرض كِفَايَة لتوقف فهم كَلَام الله وَرَسُوله عَلَيْهَا

وَمن النَّاس من يَقُول تعلم أصول الْفِقْه فرض كِفَايَة لأنه الْعلم الَّذِي يعرف بِهِ الدَّلِيل ومرتبته وكفية الِاسْتِدْلَال

 وَهَذِه الأقوال وإن كَانَت أقْربْ الى الصَّوَاب من القَوْل الأول فَلَيْسَ وُجُوبهَا عَاما على كل أحْدُ وَلَا فِي كل وَقت

 وَإِنَّمَا يُجب وجوب الْوَسَائِل فِي بعض الازمان وعَلى بعض الأشخاص بِخِلَاف الْفَرْض الَّذِي يعم وُجُوبه كل أحْدُ وَهُوَ علم الإيمان وَشَرَائِع الاسلام فَهَذَا هُوَ الْوَاجِب!!

 وأما مَا عداهُ فَإِن توقفت مَعْرفَته عَلَيْهِ فَهُوَ من بَاب مَالا يتم الْوَاجِب الا بِهِ وَيكون الْوَاجِب مِنْهُ الْقدر الْموصل إليه دون الْمسَائِل الَّتِي هِيَ فضلَة لَا يفْتَقر معرفَة الْخطاب وفهمه اليها

فَلَا يُطلق القَوْل بَأن علم الْعَرَبيَّة وَاجِب على الإطلاق! إذ الْكثير مِنْهُ وَمن مسَائِله وبحوثه لَا يتَوَقَّف فهم كَلَام الله وَرَسُوله عَلَيْهَا

 وَكَذَلِكَ أصول الْفِقْه الْقدر الَّذِي يتَوَقَّف فهم الْخطاب عَلَيْهِ مِنْهُ يجب مَعْرفَته دون الْمسَائِل المقررة والأبحاث الَّتِي هِيَ فضلَة

فَكيف يُقَال إن تعلمهَا وَاجِب وَبِالْجُمْلَةِ فالمطلوب الْوَاجِب من العَبْد من الْعُلُوم والأعمال إِذا توقف على شَيْء مِنْهَا كَانَ ذَلِك الشَّيْء وَاجِبا وجوب الْوَسَائِل

 وَمَعْلُوم أن ذَلِك التَّوَقُّف يخْتَلف باخْتلَاف الأشخاص والأزمان والألسنة والأذهان فَلَيْسَ لذَلِك حد مُقَدّر وَالله أعْلَم


هل أعجبك الموضوع ؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

كافة الحقوق محفوظة 2014 © مدونة أبي موسى الروسي