بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله أما بعد
الجزء في موقف الشافعي من حجية قول الصحابي
قال الإمام الشافعي في الرسالة البغدادية: " وقد أثنى الله تبارك وتعالى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في القرآن والتوراة والإنجيل ، وسبق لهم على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفضل ما ليس لأحد بعدهم ، فرحمهم الله وهنأهم بما آتاهم من ذلك ببلوغ أعلى منازل الصديقين والشهداء والصالحين ، أدوا إلينا سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وشاهدوه والوحي ينزل عليه فعلموا ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم عاما وخاصا وعزما وإرشادا ، وعرفوا من سنته ما عرفنا وجهلنا ، وهم فوقنا في كل علم واجتهاد وورع وعقل وأمر استدرك به علم واستنبط به ، وآراؤهم لنا أحمد ، وأولى بنا من رأينا عند أنفسنا ، و الله أعلم ، ومن أدركنا ممن أرضي أو حكي لنا عنه ببلدنا صاروا فيما لم يعلموا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيه سنة إلى قولهم إن اجتمعوا ، وقول بعضهم إن تفرقوا ، فهكذا نقول إذا اجتمعوا أخذنا باجتماعهم ، وإن قال واحدهم ولم يخالفه غيره أخذنا بقوله ، فإن اختلفوا أخذنا بقول بعضهم ولم نخرج من أقاويلهم كلهم
وإذا قال الرجلان منهم في شيء قولين مختلفين نظرت ، فإن كان قول أحدهما أشبه بكتاب الله أو أشبه بسنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت به ، لأن معه شيئا يقوى بمثله ليس مع الذي يخالفه مثله ، فإن لم يكن على واحد من القولين دلالة بما وصفت كان قول الأئمة أبي بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم أرجح عندنا من أحد ، لو خالفهم غير إمام
فإن لم يكن على القول دلالة من كتاب ولا سنة كان قول أبي بكر ، أو عمر ، أو عثمان ، أو علي رضي الله عنهم أحب إلي أن أقول به من قول غيرهم إن خالفهم ، من قبل أنهم أهل علم وحكام فإن اختلف الحكام استدللنا الكتاب والسنة في اختلافهم فصرنا إلى القول الذي عليه الدلالة من الكتاب والسنة ، وقل ما يخلو اختلافهم من دلائل كتاب أو سنة ، وإن اختلف المفتون يعني من الصحابة بعد الأئمة بلا دلالة فيما اختلفوا فيه نظرنا إلى الأكثر ، فإن تكافؤوا نظرنا إلى أحسن أقاويلهم مخرجا عندنا ، وإن وجدنا للمفتين في زماننا وقبله اجتماعا في شيء لا يختلفون فيه تبعناه ، وكان أحد طرق الأخبار الأربعة وهي : كتاب الله ، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ثم القول لبعض أصحابه ، ثم اجتماع الفقهاء ، فإذا نزلت نازلة لم نجد فيها واحدة من هذه الأربعة الأخبار فليس السبيل في الكلام في النازلة إلا اجتهاد الرأي"
نقله البيهقي في المدخل ومناقب الشافعي وغير ذلك من كتبه
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص133 ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قُلْتُ لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ: " مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قُتِلَ، وَلَهُ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، هَلْ لِلأَكَابِرِ أَنْ يَقْتُلُوا دُونَ الأَصَاغِرِ؟ فَقَالَ: لا " فَقُلْتُ لَهُ: فَقَدْ قَتَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنَ مُلْجَمٍ، وَلِعَلِيٍّ أَوْلادٌ صِغَارٌ؟ فَقَالَ: أَخْطَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ. فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا كَانَ جَوَابٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا اللَّفِظِ؟ ! قَالَ: وَهَجَرْتُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ" (إسناده صحيح)
وبشر إنما لقيه الشافعي في بغداد فتلحق تلك القصة بالقديم
قال الساجي في كتابه المناقب "حدثني محمد بن إسماعيل قال سمعت الحسين بن علي قال سمعت الشافعي يقول العشرة أشكال لهم أن يغير بعضهم على بعض والمهاجرون الأولون والأنصار أشكال لهم أن يغير بعضهم على بعض ومسلمة الفتح أشكال لهم أن يغير بعضهم على بعض فإذا ذهب أصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فحرام على تابع إلا اتباع بإحسان حذوا بحذو" (إسناده صحيح من الساجي)
قال البيهقي في السنن الكبرى: حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ : أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِىُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ يَعْنِى الدِّينَوَرِىَّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْفِرْيَابِىُّ قَالَ سَمِعْت الشَّافِعِىَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ بِمَكَّةَ يَقُولُ : سَلُونِى مَا شِئْتُمْ أُجِبْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَقُلْتُ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَقُولُ فِى الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ زُنْبُورًا؟ قَالَ : نَعَمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ »
وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ أَمَرَ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ الزُّنْبُورِ" (سند القصة صحيح)
قال الإمام ابن أبي حاتم: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: أَيُّهُمَا أَعْلَمُ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟، يَعْنِي: مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ
قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ، مَنْ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي مَالِكًا قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحِبُكُمْ.
قُلْتُ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ، مَنْ أَعْلَمُ بِأَقَاوِيلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُتَقَدِّمِينَ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: فَلَمْ يَبْقَ إِلا الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ لا يَكُونُ إِلا عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُولَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يِقِيسُ؟!" (إسناد المناظرة صحيح)
فجعل الشافعي أقاويل الصحابة أصلا يقاس عليه
وإن قيل إنما لقي محمد بن الحسن ببغداد يقال: وإن كان ذلك كذلك فمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى وغيرهما من رواة هذه المناظرة إنما سمعوا من الإمام الشافعي بمصر فدلت روايته مناظرته تلك على وجه الإقرار على أنه بقي على تلك المذهب بمصر فحرص الشافعي على عدم نشر أقواله القديمة التي تراجع عنها معروف جدا حتى أنه أمر بإحراق كتبه البغدادية القديمة
وقال ابن أبي حاتم: "أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَوْمًا، وَذَكَرَ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، وَلا لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يُفْتِيَ يُرِيدُ مَالِكًا، قُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا يَعْنِي مَالِكًا كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ "
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ عَالِمًا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ قَالَ: لا.
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ جَاهِلا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ جَاهِلا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاهِلا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَتَجْتَمِعُ فِي صَاحِبِنَا ثَلاثٌ لا تَصْلُحُ الْفُتْيَا إِلا بِهَا، وَيُخِلُّ وَاحِدَةً، وَيُخْطِئُ صَاحِبُكَ ثَلاثًا، وَيَكُونُ فِيهِ وَاحِدَةٌ، فَتَقُولَ: لا يَنْبَغِي لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلا لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ؟!" (إسناد المناظرة صحيح)
فجعل الشافعي رحمه الله الجهل بأقوال الصحابة مانعا من جواز الفتيا فتأمل
قال ابن كثير في مناقب الشافعي ص173: "قال البيهقي عن الحاكم عن الأصم محمد بن يعقوب ، عن الربيع عن الشافعي أن قال :" الأصل كتاب الله ، أو سنة ، أو إجماع الناس ، أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذا من أدل الدليل على مذهبه أن قول الصحابي حجة ، وهو الذي عول عليه البيهقي وغيره من الأصحاب
وزعم الأكثرون منهم : الشيخ أبو حامد الاسفراييني أنه رجع عن هذا في الجديد " انتهى كلام ابن كثير وإسناد الأثر صحيح
وربيع إنما سمع عنه بمصر فهذا يؤكد أنه لم يغير مذهبه رحمه الله
قال الإمام الشافعي في الأم 2/29 في رده على أهل الرأي في مسألة الزكاة من أموال اليتيم: ""إنَّمَا الْحُجَّةُ في كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو أَثَرٍ عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو قَوْلِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لم يَخْتَلِفُوا فيه أو قِيَاسٍ دَاخِلٍ في مَعْنَى بَعْضِ هذا.." فتكلم بكلام ثم قال: "أَصْلَ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِك من أَنَّا لَا نُخَالِفُ الْوَاحِدَ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا أَنْ يُخَالِفَهُ غَيْرُهُ منهم"
فهل من نص أبين من هذا؟
وقال الشافعي في الأم (7/235) في الرد على أهل المدينة في باب القضاء في الضرس والترقوة والضلع : "وَخَالَفْتُمْ عُمَرَ في التَّرْقُوَةِ وَالضِّلْعِ فَقُلْتُمْ ليس فِيهِمَا شَيْءٌ مُوَقَّتٌ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وأنا أَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ فِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ لم يُخَالِفْهُ وَاحِدٌ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فِيمَا علمته فلم أَرَ أَنْ أَذْهَبَ إلَى رَأْيِي وَأُخَالِفَهُ"
وقال الإمام الشافعي في الرسالة الجديدة: " إذا تفرقوا فيها نصير إلى ما وافق الكتاب أو السنة أو الإجماع ، أو كان أصح في القياس ، وإذا قال الواحد منهم القول لا نحفظ عن غيره منهم فيه له موافقة ولا خلافا ، صرت إلى اتباع قول واحدهم ، إذا لم أجد كتابا ولا سنة ولا إجماعا ولا شيئا في معناه يحكم له بحكمه أو وجد معه قياس"
فهذا النص فهم منه بعضهم أنه يدل على تقديم القياس على قول الصحابي وليس كذلك بل يجب جمع نصوص الإمام التأصيلية وتصرفاته في كتبه
والشافعي نفسه قائل في رسالته الجديدة: "وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والاجماع والآثار وما وصفت من القياس عليها" فجعل الآثار أصلا مقيسا عليه
وقال في الكتاب الاختلاف مع مالك وهو من كتبه الجديدة في الأم (7/265) " « ما كان الكتاب أو السنة موجودين فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا باتباعهما ، فإذا لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحدهم ، ثم كان قول الأئمة : أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، » إذا صرنا إلى التقليد أحب إلينا وذلك إذا لم نجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنة ، فنتبع القول الذي معه الدلالة لأن قول الإمام مشهور ما يلزم الناس ، ومن لزم قوله الناس كان أشهر ممن يفتي الرجل أو النفر ، وقد يأخذ بفتياه ويدعها وأكثر المفتين يفتون الخاصة في بيوتهم ومجالسهم ، ولا يعنى العامة بما قالوا عنايتهم بما قال الإمام ، وقد وجدنا الأئمة ينتدبون فيسألون عن العلم من الكتاب والسنة فيما أرادوا ، وأن يقولوا فيه ويقولون ، فيخبرون بخلاف قولهم فيقبلون من المخبر ولا يستنكفون عن أن يرجعوا لتقواهم الله وفضلهم في حالاتهم ، فإذا لم يوجد عن الأئمة فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين في موضع الأمانة أخذنا بقولهم وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم.
وَالْعِلْمُ طَبَقَاتٌ شَتَّى الْأُولَى الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إذَا ثَبَتَتْ السُّنَّةُ ثُمَّ الثَّانِيَةُ الْإِجْمَاعُ فِيمَا ليس فيه كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا نَعْلَمُ له مُخَالِفًا منهم وَالرَّابِعَةُ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في ذلك الْخَامِسَةُ الْقِيَاسُ على بَعْضِ الطَّبَقَاتِ وَلَا يُصَارُ إلَى شَيْءٍ غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمَا مَوْجُودَانِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ من أَعْلَى وَبَعْضُ ما ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ خِلَافُ هذا ذَهَبْت إلَى أَخْذِ الْعِلْمِ من أَسْفَلَ"هـ
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه "ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى نَفْسُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " إِذَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ، يُنْظَرُ إِلَى مَا هُوَ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيُؤْخَذُ بِهِ
ثَنا أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِذَا اخْتَلَفُوا يَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُظِرَ أَتْبَعَهُمُ لِلْقِيَاسِ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَصْلٌ يُخَالِفُهُمْ، اتُّبِعَ أَتْبَعُهُمْ لِلْقِيَاسِ " قَدِ اخْتَلَفَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي ثَلاثِ مَسَائِلَ: الْقِيَاسُ فِيهَا مَعَ عَلِيٍّ، وَبِقَوْلِهِ آخُذُ" (إسناد الأثرين صحيح)
قال الشافعي في الأم 5/146 "قال (أي مخالفه) قد قَالَهُ بَعْضُ التَّابِعِينَ قُلْتُ فإن من سَمَّيْت من التَّابِعِينَ وَأَكْثَرَ منهم إذَا قالوا شيئا ليس فيه كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْقَوْلَ الذي يُقْبَلُ ما كان في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أو سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أو حَدِيثٍ صَحِيحٍ عن أَحَدٍ من أَصْحَابِهِ أو إجْمَاعٍ"
قال ربيع بن سليمان في الأم (7/246): " سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن السُّجُودِ في سُورَةِ الْحَجِّ فقال فيها سَجْدَتَانِ فَقُلْت وما الْحُجَّةُ في ذلك فقال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا من أَهْلِ مِصْرَ أخبره أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ سَجَدَ في سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قال إنَّ هذه السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن الزُّهْرِيِّ عن عبد اللَّهِ بن ثَعْلَبَةَ بن صَغِيرٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ صلى بِهِمْ بِالْجَابِيَةِ بِسُورَةِ الْحَجِّ فَسَجَدَ فيها سَجْدَتَيْنِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا لَا نَسْجُدُ فيها إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقَدْ خَالَفْتُمْ ما رَوَيْتُمْ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ مَعًا إلَى غَيْرِ قَوْلِ أَحَدٍ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَيْفَ تَتَّخِذُونَ قَوْلَ عُمَرَ وَحْدَهُ حُجَّةً وبن عُمَرَ وَحْدَهُ حُجَّةً حتى تَرُدُّوا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّنَّةَ وَتَبْنُونَ عَلَيْهِمَا عَدَدًا من الْفِقْهِ ثُمَّ تَخْرُجُونَ من قَوْلِهِمَا لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ"
قال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين" 4/121: " وقد صرح الشافعي في الجديد من رواية الربيع عنه بأن قول الصحابة حجة يجب المصير إليه فقال المحدثات من الامور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتابا أوسنة أوإجماعا أوأثرا فهذه البدعة الضلالة والربيع إنما أخذ عنه بمصر وقد جعل مخالفة الأثر الذي ليس بكتاب ولا سنة ولا إجماع ضلالة وهذا فوق كونه حجة "
قال الشافعي في الأم 7/233 في كتاب الاختلاف مع مالك: " أَفَيَجُوزُ لِأَحَدٍ يَعْقِلُ شيئا من الْفِقْهِ أَنْ يَتْرُكَ قَوْلَ عُمَرَ وَلَا يَعْلَمُ له مُخَالِفًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِرَأْيِ نَفْسِهِ أو مِثْلِهِ"
قال الإمام ابن القيم بعد نقله بعض ما سبق: " فهذا كلام الشافعي رحمه الله ورضى عنه بنصه ونحن نشهد بالله أنه لم يرجع عنه بل كلامه في الجديد مطابق لهذا موافق له كما تقدم ذكر لفظه
وقد قال في الجديد في قتل الراهب إنه القياس عنده ولكن أتركه لقول أبي بكر الصديق رضى الله عنه
فقد أخبرنا انه ترك القياس الذي هو دليل عنده لقول الصاحب فكيف يترك موجب الدليل لغير دليل
وقال في الضلع بعير "قلته تقليدا لعمر"
وقال في موضع آخر "قلته تقليدا لعثمان"
وقال في الفرائض "هذا مذهب تلقيناه عن زيد"
ولا تستوحش من لفظة التقليد في كلامه وتظن انها تنفي كون قوله حجة بناء على ما تلقيته من اصطلاح المتأخرين أن التقليد قبول قول الغير بغير حجة فهذا اصطلاح حادث وقد صرح الشافعي في موضع من كلامه بتقليد خبر الواحد فقال "قلت هذا تقليدا للخبر" هـ
وقال في عتق أمهات الْأَوْلَاد في الأم (6/101) "ما قُلْنَا فيها وهو تَقْلِيدٌ لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه"
وقال الشافعي في الديات كما في الأم 6/105: "وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى في الْمُعَاهَدِ يُقْتَلُ خَطَأً بِدِيَةٍ مُسَلَّمَةٍ إلَى أَهْلِهِ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ مع ما فَرَّقَ اللَّهُ عز وجل بين الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فلم يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ على قَاتِلِ الْكَافِرِ إلَّا بِدِيَةٍ وَلَا أَنْ يُنْقَصَ منها إلَّا بِخَبَرٍ لَازِمٍ فَقَضَى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ عنهما في دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَقَضَى عُمَرُ في دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ كان يقول تُقَوَّمُ الدِّيَةُ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ولم نَعْلَمْ أَحَدًا قال في دِيَاتِهِمْ أَقَلَّ من هذا وقد قِيلَ إنَّ دِيَاتِهِمْ أَكْثَرُ من هذا فَأَلْزَمْنَا قَاتِلَ كل وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ الْأَقَلَّ مِمَّا اُجْتُمِعَ عليه فَمَنْ قَتَلَ يَهُودِيًّا أو نَصْرَانِيًّا خَطَأً وَلِلْمَقْتُولِ ذِمَّةٌ بِأَمَانٍ إلَى مُدَّةٍ أو ذِمَّةٌ بِإِعْطَاءِ جِزْيَةٍ أو أَمَانِ سَاعَةٍ فَقَتَلَهُ في وَقْتِ أَمَانِهِ من الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَذَلِكَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ من الْإِبِلِ وَثُلُثٌ وَمَنْ قَتَلَ مَجُوسِيًّا أو وَثَنِيًّا له أَمَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ مُسْلِمٍ"
قال الشافعي في الاختلاف مع مالك (الأم 7/168): " قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عَبَّادٌ عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عن قَزْعَةَ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَنَّهُ صلى في زَلْزَلَةٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَتَيْنِ في رَكْعَةٍ وَرَكْعَةٍ وَسَجْدَتَيْنِ في رَكْعَةٍ وَلَسْنَا نَقُولُ بهذا نَقُولُ لَا يصلى في شَيْءٍ من الْآيَاتِ إلَّا في كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَلَوْ ثَبَتَ هذا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه لَقُلْنَا بِهِ"
وقال الشافعي في بعض مناظراته كما في الأم (4/152): "( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ عَدَدْت عليه ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَضِيَّةً لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ لم يُخَالِفْهُ فيها غَيْرُهُ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِحَدِيثٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ نَأْخُذُ بها نَحْنُ.."
قال الشافعي في الأم (2/193): " بَابٌ في الْيَرْبُوعِ
أخبرنا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قَضَى في الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ
أخبرنا سُفْيَانُ عن عبدالكريم الْجَزَرِيِّ عن أبي عُبَيْدَةَ بن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ أخبرنا سَعِيدٌ عن الرَّبِيعِ بن صُبَيْحٍ عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ أَنَّهُ قال في الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ"
عن الشافعي في رواية الزعفراني أنه قال : » نرى أن يصلي الوتر حتى يصلي الصبح ، فإن صلى الصبح ولم يصل الوتر لم يقضه ، وقال بعض الناس : يقضيه ولا يقضي ركعتي الفجر قال : وكلاهما تطوع ، ولو صرنا إلى النظر لم يقض واحدة منهما ، ولكنا إنما اتبعنا في ذلك الأثر ، روينا عن ابن عمر أنه قضى ركعتي الفجر ، وعن ابن مسعود أنه قال : الوتر ما بين الصلاتين . قال : فمن ثم زعمنا أن الوتر إذا زال لم يكن عليه قضاء" صلاة الوتر للمروزي محمد بن نصر وهذا ظاهر في تقديمه الأثر على القياس والنظر
وإن قيل: إن رواية الزعفراني بغدادية قديمة
أجيب: لكنه ثبت على هذا القول وهو قوله في المزني والبويطي
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه: "ومتشابه لا يحل لأحد تفسيره إلا بسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو خبر عن أصحابه"
وقال: "أما المتشابه الذي لا يحتمل التأويل فما لم يأت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ولا أجمع عليه العلماء عليه ووقفوا عن تفسيره"
فجعل قول أحد الصحابة مما يسوغ تفسير المتشابه به
قال الإمام الشافعي: "وإذا اجتهد العالم في الشيء النازل الذي ليس فيه نص كتاب ولا سنة ولا قول لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فليس له أن يمثل بشيء من الخاص إنما يمثل بالعام"
وقال: "فمن جهل هذا وجهل لسان العرب ومعاني كلامها لم يجز له القول في علمها
ومن علم هذا مع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه وقول التابعين وكان صحيح العقل يفرق بين المشتبه وسعه القول في علمها"
فتأملوا هذه النقول ثم تعجبوا ممن افترى على هذا الإمام أو غلط عليه
1. الإمام أبو بكر بن المنذر وهو من كبار متقدمي الشافعية
قال في الإشراف 6/121: "وقال مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: البيع فاسد
قال أبو بكر: وهم يرون تقليد الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا يخالفه منهم غيره"
2. أبو بكر البيهقي الأشعري في المدخل إلى السنن الكبرى ومعرفة السنن والآثار وغير ذلك من كتبه
والبيهقي محقق كبير فيما لم تؤثِر عليه نزعته الكلامية فهو من هو في الرواية والاطلاع على أقوال الإمام الشافعي والمنافحة عنها
3. الحافظ ابن كثير كما في مناقب الشافعي ص173
4. شيخ الإسلام ابن تيمية وقد قال في تنبيه الرجل العاقل 2/561: "وهو أَحَدُ قولي الشافعي ويقال إنه القول القديم وفي ذلك نظر لأن في كتابه الجديد ما يدلُّ على أنه احتج به لكن أكثر ما يحتج في الجديد بأقوال الصحابة يعضده بضروبٍ من الأَقْيسة وقد روى الربيعُ عنه أنه قال المُحْدَثات من الأمور ضربان أحدهما ما أُحْدِث يخالف كتابًا أو سُنة أو إجماعًا أو أثرًا فهذه البدعة الضلالة والربيعُ إنما أخذَ عنه بمصر وقد جعل مخالفةَ الأثر الذي ليس بإجماع ضلالة"
5. ابن الصباغ الشافعي (ت. 477 ه.) قال كما في البحر المحيط: "إنَّمَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ عُثْمَانَ في الْجَدِيدِ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ إذَا لم يَنْتَشِرْ ولم يَظْهَرْ له مُخَالِفٌ كان حُجَّةً "
وكثير من الشافعيين الآخرين قرروا ذلك ولله الحمد وتركت ذكر أسماء بعضهم رغبة عنهم لأشعريتهم
6. ابن أبي زيد القيرواني إذ قال في مقدمة النوادر والزيادات : "ليس لأحدٍ أَنْ يُحْدِثَ قولاً أو تَأْويلاً لم يَسْبِقْهُ به سَلَفٌ , وإنه إذا ثَبَت عن صاحبٍ قَوْلٌ لا يُحْفَظُ عن غيرِه من الصحابةِ خِلاَفٌ له ولا وِفَاقٌ , أنَّه لا يسَع خِلافُه. وقال ذلك معَنا الشافعيُّ , وأهلُ العراقِ"
7. قال الطحاوي في أحكام القرآن وهو يتحدث عن الشافعي "كَانَ من قَوْله تَقْلِيد الْوَاحِد من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لم نعلم عَنْ غَيره مِنْهُمْ خلافًا فِي ذَلِكَ" والطحاوي تلميذ المزني تفقه على مذهب الشافعي عليه ثم تركه وصار صاحب رأي لكن الشاهد أنه من العالمين بالشافعي وأصوله
8. منهم تلميذه أحمد بن حنبل
قال الساجي في مناقب الشافعي: "عن صالح بن أحمد, قال: سمعت أبي يذكر الشافعي, فقال: لقد كان إذا جاءه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة, لم يلتفت إلى غيره" (أسنده الهكاري إليه في كتابه اعتقاد الشافعي ص. 37)
وهذا ما تيسر لي جمعه وأنا في هذا البحث عيال على الشيخ أبي جعفر الخليفي وغيره واستفدت منهم نقولات كثيرة ثم بحثت بنفسي وأضفت ما تيسر لي الوقوف عليه
ومن كان له زيادة أو استدراك فليتفضل بإرساله في التعليقات
الجزء في موقف الشافعي من حجية قول الصحابي
باب أقواله في القديم
وإذا قال الرجلان منهم في شيء قولين مختلفين نظرت ، فإن كان قول أحدهما أشبه بكتاب الله أو أشبه بسنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت به ، لأن معه شيئا يقوى بمثله ليس مع الذي يخالفه مثله ، فإن لم يكن على واحد من القولين دلالة بما وصفت كان قول الأئمة أبي بكر أو عمر أو عثمان رضي الله عنهم أرجح عندنا من أحد ، لو خالفهم غير إمام
فإن لم يكن على القول دلالة من كتاب ولا سنة كان قول أبي بكر ، أو عمر ، أو عثمان ، أو علي رضي الله عنهم أحب إلي أن أقول به من قول غيرهم إن خالفهم ، من قبل أنهم أهل علم وحكام فإن اختلف الحكام استدللنا الكتاب والسنة في اختلافهم فصرنا إلى القول الذي عليه الدلالة من الكتاب والسنة ، وقل ما يخلو اختلافهم من دلائل كتاب أو سنة ، وإن اختلف المفتون يعني من الصحابة بعد الأئمة بلا دلالة فيما اختلفوا فيه نظرنا إلى الأكثر ، فإن تكافؤوا نظرنا إلى أحسن أقاويلهم مخرجا عندنا ، وإن وجدنا للمفتين في زماننا وقبله اجتماعا في شيء لا يختلفون فيه تبعناه ، وكان أحد طرق الأخبار الأربعة وهي : كتاب الله ، ثم سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، ثم القول لبعض أصحابه ، ثم اجتماع الفقهاء ، فإذا نزلت نازلة لم نجد فيها واحدة من هذه الأربعة الأخبار فليس السبيل في الكلام في النازلة إلا اجتهاد الرأي"
نقله البيهقي في المدخل ومناقب الشافعي وغير ذلك من كتبه
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه ص133 ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبُسْتِيُّ، عَنْ أَبِي ثَوْرٍ، قَالَ: وَسَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: قُلْتُ لِبِشْرٍ الْمَرِيسِيِّ: " مَا تَقُولُ فِي رَجُلٍ قُتِلَ، وَلَهُ أَوْلِيَاءٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ، هَلْ لِلأَكَابِرِ أَنْ يَقْتُلُوا دُونَ الأَصَاغِرِ؟ فَقَالَ: لا " فَقُلْتُ لَهُ: فَقَدْ قَتَلَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ابْنَ مُلْجَمٍ، وَلِعَلِيٍّ أَوْلادٌ صِغَارٌ؟ فَقَالَ: أَخْطَأَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ. فَقُلْتُ لَهُ: أَمَا كَانَ جَوَابٌ أَحْسَنُ مِنْ هَذَا اللَّفِظِ؟ ! قَالَ: وَهَجَرْتُهُ مِنْ يَوْمِئِذٍ" (إسناده صحيح)
وبشر إنما لقيه الشافعي في بغداد فتلحق تلك القصة بالقديم
قال الساجي في كتابه المناقب "حدثني محمد بن إسماعيل قال سمعت الحسين بن علي قال سمعت الشافعي يقول العشرة أشكال لهم أن يغير بعضهم على بعض والمهاجرون الأولون والأنصار أشكال لهم أن يغير بعضهم على بعض ومسلمة الفتح أشكال لهم أن يغير بعضهم على بعض فإذا ذهب أصحاب محمد ( صلى الله عليه وسلم ) فحرام على تابع إلا اتباع بإحسان حذوا بحذو" (إسناده صحيح من الساجي)
قال البيهقي في السنن الكبرى: حَدَّثَنَا أَبُو سَعْدٍ : أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَالِينِىُّ أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الإِسْمَاعِيلِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ يَعْنِى الدِّينَوَرِىَّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ هَارُونَ الْفِرْيَابِىُّ قَالَ سَمِعْت الشَّافِعِىَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِدْرِيسَ بِمَكَّةَ يَقُولُ : سَلُونِى مَا شِئْتُمْ أُجِبْكُمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْ سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ فَقُلْتُ لَهُ : أَصْلَحَكَ اللَّهُ مَا تَقُولُ فِى الْمُحْرِمِ يَقْتُلُ زُنْبُورًا؟ قَالَ : نَعَمْ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِىٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« اقْتَدُوا بِاللَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِى أَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ »
وَحَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ مِسْعَرٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ أَمَرَ الْمُحْرِمَ بِقَتْلِ الزُّنْبُورِ" (سند القصة صحيح)
باب ما قاله في الجديد
قُلْتُ: عَلَى الإِنْصَافِ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ، مَنْ أَعْلَمُ بِالْقُرْآنِ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ، يَعْنِي مَالِكًا قُلْتُ: فَمَنْ أَعْلَمُ بِالسُّنَّةِ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ صَاحِبُكُمْ.
قُلْتُ: فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ، مَنْ أَعْلَمُ بِأَقَاوِيلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُتَقَدِّمِينَ: صَاحِبُنَا أَوْ صَاحِبُكُمْ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ.
قَالَ الشَّافِعِيُّ: قُلْتُ: فَلَمْ يَبْقَ إِلا الْقِيَاسُ، وَالْقِيَاسُ لا يَكُونُ إِلا عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاءِ، فَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الأُصُولَ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ يِقِيسُ؟!" (إسناد المناظرة صحيح)
فجعل الشافعي أقاويل الصحابة أصلا يقاس عليه
وإن قيل إنما لقي محمد بن الحسن ببغداد يقال: وإن كان ذلك كذلك فمحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ويونس بن عبد الأعلى وغيرهما من رواة هذه المناظرة إنما سمعوا من الإمام الشافعي بمصر فدلت روايته مناظرته تلك على وجه الإقرار على أنه بقي على تلك المذهب بمصر فحرص الشافعي على عدم نشر أقواله القديمة التي تراجع عنها معروف جدا حتى أنه أمر بإحراق كتبه البغدادية القديمة
وقال ابن أبي حاتم: "أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، ثنا أَبِي، ثنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ، يَقُولُ: " قُلْتُ لِمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ يَوْمًا، وَذَكَرَ مَالِكًا وَأَبَا حَنِيفَةَ، فَقَالَ لِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، وَلا لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يُفْتِيَ يُرِيدُ مَالِكًا، قُلْتُ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا يَعْنِي مَالِكًا كَانَ عَالِمًا بِكِتَابِ اللَّهِ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ "
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَنَا كَانَ عَالِمًا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: اللَّهُمَّ نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ عَالِمًا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟ قَالَ: لا.
قُلْتُ: فَنَشَدْتُكَ اللَّهَ، أَتَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ يَعْنِي أَبَا حَنِيفَةَ، كَانَ جَاهِلا بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَكَانَ جَاهِلا بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَاهِلا بِاخْتِلافِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟، قَالَ: نَعَمْ. قُلْتُ: أَكَانَ عَاقِلا؟، قَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: فَتَجْتَمِعُ فِي صَاحِبِنَا ثَلاثٌ لا تَصْلُحُ الْفُتْيَا إِلا بِهَا، وَيُخِلُّ وَاحِدَةً، وَيُخْطِئُ صَاحِبُكَ ثَلاثًا، وَيَكُونُ فِيهِ وَاحِدَةٌ، فَتَقُولَ: لا يَنْبَغِي لِصَاحِبِكُمْ أَنْ يَتَكَلَّمَ، وَلا لِصَاحِبِنَا أَنْ يَسْكُتَ؟!" (إسناد المناظرة صحيح)
فجعل الشافعي رحمه الله الجهل بأقوال الصحابة مانعا من جواز الفتيا فتأمل
قال ابن كثير في مناقب الشافعي ص173: "قال البيهقي عن الحاكم عن الأصم محمد بن يعقوب ، عن الربيع عن الشافعي أن قال :" الأصل كتاب الله ، أو سنة ، أو إجماع الناس ، أو قول بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذا من أدل الدليل على مذهبه أن قول الصحابي حجة ، وهو الذي عول عليه البيهقي وغيره من الأصحاب
وزعم الأكثرون منهم : الشيخ أبو حامد الاسفراييني أنه رجع عن هذا في الجديد " انتهى كلام ابن كثير وإسناد الأثر صحيح
وربيع إنما سمع عنه بمصر فهذا يؤكد أنه لم يغير مذهبه رحمه الله
قال الإمام الشافعي في الأم 2/29 في رده على أهل الرأي في مسألة الزكاة من أموال اليتيم: ""إنَّمَا الْحُجَّةُ في كِتَابٍ أو سُنَّةٍ أو أَثَرٍ عن بَعْضِ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم أو قَوْلِ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ لم يَخْتَلِفُوا فيه أو قِيَاسٍ دَاخِلٍ في مَعْنَى بَعْضِ هذا.." فتكلم بكلام ثم قال: "أَصْلَ مَذْهَبِنَا وَمَذْهَبِك من أَنَّا لَا نُخَالِفُ الْوَاحِدَ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم إلَّا أَنْ يُخَالِفَهُ غَيْرُهُ منهم"
فهل من نص أبين من هذا؟
وقال الشافعي في الأم (7/235) في الرد على أهل المدينة في باب القضاء في الضرس والترقوة والضلع : "وَخَالَفْتُمْ عُمَرَ في التَّرْقُوَةِ وَالضِّلْعِ فَقُلْتُمْ ليس فِيهِمَا شَيْءٌ مُوَقَّتٌ ( قال الشَّافِعِيُّ ) وأنا أَقُولُ بِقَوْلِ عُمَرَ فِيهِمَا مَعًا لِأَنَّهُ لم يُخَالِفْهُ وَاحِدٌ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فِيمَا علمته فلم أَرَ أَنْ أَذْهَبَ إلَى رَأْيِي وَأُخَالِفَهُ"
وقال الإمام الشافعي في الرسالة الجديدة: " إذا تفرقوا فيها نصير إلى ما وافق الكتاب أو السنة أو الإجماع ، أو كان أصح في القياس ، وإذا قال الواحد منهم القول لا نحفظ عن غيره منهم فيه له موافقة ولا خلافا ، صرت إلى اتباع قول واحدهم ، إذا لم أجد كتابا ولا سنة ولا إجماعا ولا شيئا في معناه يحكم له بحكمه أو وجد معه قياس"
فهذا النص فهم منه بعضهم أنه يدل على تقديم القياس على قول الصحابي وليس كذلك بل يجب جمع نصوص الإمام التأصيلية وتصرفاته في كتبه
والشافعي نفسه قائل في رسالته الجديدة: "وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والاجماع والآثار وما وصفت من القياس عليها" فجعل الآثار أصلا مقيسا عليه
وقال في الكتاب الاختلاف مع مالك وهو من كتبه الجديدة في الأم (7/265) " « ما كان الكتاب أو السنة موجودين فالعذر على من سمعهما مقطوع إلا باتباعهما ، فإذا لم يكن ذلك صرنا إلى أقاويل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أو واحدهم ، ثم كان قول الأئمة : أبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم ، » إذا صرنا إلى التقليد أحب إلينا وذلك إذا لم نجد دلالة في الاختلاف تدل على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنة ، فنتبع القول الذي معه الدلالة لأن قول الإمام مشهور ما يلزم الناس ، ومن لزم قوله الناس كان أشهر ممن يفتي الرجل أو النفر ، وقد يأخذ بفتياه ويدعها وأكثر المفتين يفتون الخاصة في بيوتهم ومجالسهم ، ولا يعنى العامة بما قالوا عنايتهم بما قال الإمام ، وقد وجدنا الأئمة ينتدبون فيسألون عن العلم من الكتاب والسنة فيما أرادوا ، وأن يقولوا فيه ويقولون ، فيخبرون بخلاف قولهم فيقبلون من المخبر ولا يستنكفون عن أن يرجعوا لتقواهم الله وفضلهم في حالاتهم ، فإذا لم يوجد عن الأئمة فأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدين في موضع الأمانة أخذنا بقولهم وكان اتباعهم أولى بنا من اتباع من بعدهم.
وَالْعِلْمُ طَبَقَاتٌ شَتَّى الْأُولَى الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ إذَا ثَبَتَتْ السُّنَّةُ ثُمَّ الثَّانِيَةُ الْإِجْمَاعُ فِيمَا ليس فيه كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ وَالثَّالِثَةُ أَنْ يَقُولَ بَعْضُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم وَلَا نَعْلَمُ له مُخَالِفًا منهم وَالرَّابِعَةُ اخْتِلَافُ أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم في ذلك الْخَامِسَةُ الْقِيَاسُ على بَعْضِ الطَّبَقَاتِ وَلَا يُصَارُ إلَى شَيْءٍ غَيْرِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَهُمَا مَوْجُودَانِ وَإِنَّمَا يُؤْخَذُ الْعِلْمُ من أَعْلَى وَبَعْضُ ما ذَهَبْتُمْ إلَيْهِ خِلَافُ هذا ذَهَبْت إلَى أَخْذِ الْعِلْمِ من أَسْفَلَ"هـ
قال ابن أبي حاتم في آداب الشافعي ومناقبه "ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى نَفْسُهُ، قَالَ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: " إِذَا جَاءَ عَنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقَاوِيلُ مُخْتَلِفَةٌ، يُنْظَرُ إِلَى مَا هُوَ أَشْبَهُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَيُؤْخَذُ بِهِ
ثَنا أَبِي، ثَنا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: " وَإِذَا اخْتَلَفُوا يَعْنِي أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، نُظِرَ أَتْبَعَهُمُ لِلْقِيَاسِ، إِذَا لَمْ يُوجَدْ أَصْلٌ يُخَالِفُهُمْ، اتُّبِعَ أَتْبَعُهُمْ لِلْقِيَاسِ " قَدِ اخْتَلَفَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا فِي ثَلاثِ مَسَائِلَ: الْقِيَاسُ فِيهَا مَعَ عَلِيٍّ، وَبِقَوْلِهِ آخُذُ" (إسناد الأثرين صحيح)
قال الشافعي في الأم 5/146 "قال (أي مخالفه) قد قَالَهُ بَعْضُ التَّابِعِينَ قُلْتُ فإن من سَمَّيْت من التَّابِعِينَ وَأَكْثَرَ منهم إذَا قالوا شيئا ليس فيه كِتَابٌ وَلَا سُنَّةٌ لم يُقْبَلْ قَوْلُهُمْ لِأَنَّ الْقَوْلَ الذي يُقْبَلُ ما كان في كِتَابِ اللَّهِ عز وجل أو سُنَّةِ نَبِيِّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم أو حَدِيثٍ صَحِيحٍ عن أَحَدٍ من أَصْحَابِهِ أو إجْمَاعٍ"
قال ربيع بن سليمان في الأم (7/246): " سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عن السُّجُودِ في سُورَةِ الْحَجِّ فقال فيها سَجْدَتَانِ فَقُلْت وما الْحُجَّةُ في ذلك فقال أخبرنا مَالِكٌ عن نَافِعٍ أَنَّ رَجُلًا من أَهْلِ مِصْرَ أخبره أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ سَجَدَ في سُورَةِ الْحَجِّ سَجْدَتَيْنِ ثُمَّ قال إنَّ هذه السُّورَةَ فُضِّلَتْ بِسَجْدَتَيْنِ ( قال الشَّافِعِيُّ ) أخبرنا إبْرَاهِيمُ بن سَعْدٍ عن الزُّهْرِيِّ عن عبد اللَّهِ بن ثَعْلَبَةَ بن صَغِيرٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ صلى بِهِمْ بِالْجَابِيَةِ بِسُورَةِ الْحَجِّ فَسَجَدَ فيها سَجْدَتَيْنِ فَقُلْت لِلشَّافِعِيِّ فَإِنَّا لَا نَسْجُدُ فيها إلَّا سَجْدَةً وَاحِدَةً ( قال الشَّافِعِيُّ ) فَقَدْ خَالَفْتُمْ ما رَوَيْتُمْ عن عُمَرَ بن الْخَطَّابِ وَعَبْدِ اللَّهِ بن عُمَرَ مَعًا إلَى غَيْرِ قَوْلِ أَحَدٍ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم فَكَيْفَ تَتَّخِذُونَ قَوْلَ عُمَرَ وَحْدَهُ حُجَّةً وبن عُمَرَ وَحْدَهُ حُجَّةً حتى تَرُدُّوا بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّنَّةَ وَتَبْنُونَ عَلَيْهِمَا عَدَدًا من الْفِقْهِ ثُمَّ تَخْرُجُونَ من قَوْلِهِمَا لِرَأْيِ أَنْفُسِكُمْ"
قال الإمام ابن القيم في "إعلام الموقعين" 4/121: " وقد صرح الشافعي في الجديد من رواية الربيع عنه بأن قول الصحابة حجة يجب المصير إليه فقال المحدثات من الامور ضربان أحدهما ما أحدث يخالف كتابا أوسنة أوإجماعا أوأثرا فهذه البدعة الضلالة والربيع إنما أخذ عنه بمصر وقد جعل مخالفة الأثر الذي ليس بكتاب ولا سنة ولا إجماع ضلالة وهذا فوق كونه حجة "
قال الشافعي في الأم 7/233 في كتاب الاختلاف مع مالك: " أَفَيَجُوزُ لِأَحَدٍ يَعْقِلُ شيئا من الْفِقْهِ أَنْ يَتْرُكَ قَوْلَ عُمَرَ وَلَا يَعْلَمُ له مُخَالِفًا من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم لِرَأْيِ نَفْسِهِ أو مِثْلِهِ"
قال الإمام ابن القيم بعد نقله بعض ما سبق: " فهذا كلام الشافعي رحمه الله ورضى عنه بنصه ونحن نشهد بالله أنه لم يرجع عنه بل كلامه في الجديد مطابق لهذا موافق له كما تقدم ذكر لفظه
وقد قال في الجديد في قتل الراهب إنه القياس عنده ولكن أتركه لقول أبي بكر الصديق رضى الله عنه
فقد أخبرنا انه ترك القياس الذي هو دليل عنده لقول الصاحب فكيف يترك موجب الدليل لغير دليل
وقال في الضلع بعير "قلته تقليدا لعمر"
وقال في موضع آخر "قلته تقليدا لعثمان"
وقال في الفرائض "هذا مذهب تلقيناه عن زيد"
ولا تستوحش من لفظة التقليد في كلامه وتظن انها تنفي كون قوله حجة بناء على ما تلقيته من اصطلاح المتأخرين أن التقليد قبول قول الغير بغير حجة فهذا اصطلاح حادث وقد صرح الشافعي في موضع من كلامه بتقليد خبر الواحد فقال "قلت هذا تقليدا للخبر" هـ
وقال في عتق أمهات الْأَوْلَاد في الأم (6/101) "ما قُلْنَا فيها وهو تَقْلِيدٌ لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه"
وقال الشافعي في الديات كما في الأم 6/105: "وَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى في الْمُعَاهَدِ يُقْتَلُ خَطَأً بِدِيَةٍ مُسَلَّمَةٍ إلَى أَهْلِهِ وَدَلَّتْ سُنَّةُ رسول اللَّهِ صلى اللَّهُ عليه وسلم على أَنْ لَا يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ مع ما فَرَّقَ اللَّهُ عز وجل بين الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ فلم يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ على قَاتِلِ الْكَافِرِ إلَّا بِدِيَةٍ وَلَا أَنْ يُنْقَصَ منها إلَّا بِخَبَرٍ لَازِمٍ فَقَضَى عُمَرُ بن الْخَطَّابِ وَعُثْمَانُ بن عَفَّانَ رضي اللَّهُ عنهما في دِيَةِ الْيَهُودِيِّ وَالنَّصْرَانِيِّ بِثُلُثِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَقَضَى عُمَرُ في دِيَةِ الْمَجُوسِيِّ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَذَلِكَ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ لِأَنَّهُ كان يقول تُقَوَّمُ الدِّيَةُ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ ولم نَعْلَمْ أَحَدًا قال في دِيَاتِهِمْ أَقَلَّ من هذا وقد قِيلَ إنَّ دِيَاتِهِمْ أَكْثَرُ من هذا فَأَلْزَمْنَا قَاتِلَ كل وَاحِدٍ من هَؤُلَاءِ الْأَقَلَّ مِمَّا اُجْتُمِعَ عليه فَمَنْ قَتَلَ يَهُودِيًّا أو نَصْرَانِيًّا خَطَأً وَلِلْمَقْتُولِ ذِمَّةٌ بِأَمَانٍ إلَى مُدَّةٍ أو ذِمَّةٌ بِإِعْطَاءِ جِزْيَةٍ أو أَمَانِ سَاعَةٍ فَقَتَلَهُ في وَقْتِ أَمَانِهِ من الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَذَلِكَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ من الْإِبِلِ وَثُلُثٌ وَمَنْ قَتَلَ مَجُوسِيًّا أو وَثَنِيًّا له أَمَانٌ فَعَلَيْهِ ثُلُثَا عُشْرِ دِيَةِ مُسْلِمٍ"
قال الشافعي في الاختلاف مع مالك (الأم 7/168): " قال أخبرنا الشَّافِعِيُّ قال أخبرنا عَبَّادٌ عن عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عن قَزْعَةَ عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه أَنَّهُ صلى في زَلْزَلَةٍ سِتَّ رَكَعَاتٍ في أَرْبَعِ سَجَدَاتٍ خَمْسَ رَكَعَاتٍ وَسَجْدَتَيْنِ في رَكْعَةٍ وَرَكْعَةٍ وَسَجْدَتَيْنِ في رَكْعَةٍ وَلَسْنَا نَقُولُ بهذا نَقُولُ لَا يصلى في شَيْءٍ من الْآيَاتِ إلَّا في كُسُوفِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَلَوْ ثَبَتَ هذا الْحَدِيثُ عِنْدَنَا عن عَلِيٍّ رضي اللَّهُ تَعَالَى عنه لَقُلْنَا بِهِ"
وقال الشافعي في بعض مناظراته كما في الأم (4/152): "( قال الشَّافِعِيُّ ) رَحِمَهُ اللَّهُ ثُمَّ عَدَدْت عليه ثَلَاثَ عَشْرَةَ قَضِيَّةً لِعُمَرَ بن الْخَطَّابِ لم يُخَالِفْهُ فيها غَيْرُهُ من أَصْحَابِ النبي صلى اللَّهُ عليه وسلم بِحَدِيثٍ يَثْبُتُ مِثْلُهُ نَأْخُذُ بها نَحْنُ.."
قال الشافعي في الأم (2/193): " بَابٌ في الْيَرْبُوعِ
أخبرنا مَالِكٌ وَسُفْيَانُ عن أبي الزُّبَيْرِ عن جَابِرٍ أَنَّ عُمَرَ بن الْخَطَّابِ رضي اللَّهُ عنه قَضَى في الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ
أخبرنا سُفْيَانُ عن عبدالكريم الْجَزَرِيِّ عن أبي عُبَيْدَةَ بن عبد اللَّهِ بن مَسْعُودٍ أخبرنا سَعِيدٌ عن الرَّبِيعِ بن صُبَيْحٍ عن عَطَاءِ بن أبي رَبَاحٍ أَنَّهُ قال في الْيَرْبُوعِ جَفْرَةٌ + ( قال الشَّافِعِيُّ ) وَبِهَذَا كُلِّهِ نَأْخُذُ"
عن الشافعي في رواية الزعفراني أنه قال : » نرى أن يصلي الوتر حتى يصلي الصبح ، فإن صلى الصبح ولم يصل الوتر لم يقضه ، وقال بعض الناس : يقضيه ولا يقضي ركعتي الفجر قال : وكلاهما تطوع ، ولو صرنا إلى النظر لم يقض واحدة منهما ، ولكنا إنما اتبعنا في ذلك الأثر ، روينا عن ابن عمر أنه قضى ركعتي الفجر ، وعن ابن مسعود أنه قال : الوتر ما بين الصلاتين . قال : فمن ثم زعمنا أن الوتر إذا زال لم يكن عليه قضاء" صلاة الوتر للمروزي محمد بن نصر وهذا ظاهر في تقديمه الأثر على القياس والنظر
وإن قيل: إن رواية الزعفراني بغدادية قديمة
أجيب: لكنه ثبت على هذا القول وهو قوله في المزني والبويطي
أقوال الإمام الشافعي من مختصر البويطي وهو من كتبه الأخيرة المعتمدة
وقال: "أما المتشابه الذي لا يحتمل التأويل فما لم يأت فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من أصحابه ولا أجمع عليه العلماء عليه ووقفوا عن تفسيره"
فجعل قول أحد الصحابة مما يسوغ تفسير المتشابه به
قال الإمام الشافعي: "وإذا اجتهد العالم في الشيء النازل الذي ليس فيه نص كتاب ولا سنة ولا قول لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فليس له أن يمثل بشيء من الخاص إنما يمثل بالعام"
وقال: "فمن جهل هذا وجهل لسان العرب ومعاني كلامها لم يجز له القول في علمها
ومن علم هذا مع سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنن أصحابه وقول التابعين وكان صحيح العقل يفرق بين المشتبه وسعه القول في علمها"
فتأملوا هذه النقول ثم تعجبوا ممن افترى على هذا الإمام أو غلط عليه
العلماء الذين قرروا بالدليل والتدليل أن مذهب الإمام الشافعي الجديد حجية قول الصحابة
1. الإمام أبو بكر بن المنذر وهو من كبار متقدمي الشافعية
قال في الإشراف 6/121: "وقال مالك، والثوري، والشافعي، وأصحاب الرأي: البيع فاسد
قال أبو بكر: وهم يرون تقليد الواحد من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا يخالفه منهم غيره"
2. أبو بكر البيهقي الأشعري في المدخل إلى السنن الكبرى ومعرفة السنن والآثار وغير ذلك من كتبه
والبيهقي محقق كبير فيما لم تؤثِر عليه نزعته الكلامية فهو من هو في الرواية والاطلاع على أقوال الإمام الشافعي والمنافحة عنها
3. الحافظ ابن كثير كما في مناقب الشافعي ص173
4. شيخ الإسلام ابن تيمية وقد قال في تنبيه الرجل العاقل 2/561: "وهو أَحَدُ قولي الشافعي ويقال إنه القول القديم وفي ذلك نظر لأن في كتابه الجديد ما يدلُّ على أنه احتج به لكن أكثر ما يحتج في الجديد بأقوال الصحابة يعضده بضروبٍ من الأَقْيسة وقد روى الربيعُ عنه أنه قال المُحْدَثات من الأمور ضربان أحدهما ما أُحْدِث يخالف كتابًا أو سُنة أو إجماعًا أو أثرًا فهذه البدعة الضلالة والربيعُ إنما أخذَ عنه بمصر وقد جعل مخالفةَ الأثر الذي ليس بإجماع ضلالة"
5. ابن الصباغ الشافعي (ت. 477 ه.) قال كما في البحر المحيط: "إنَّمَا احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِ عُثْمَانَ في الْجَدِيدِ لِأَنَّ مَذْهَبَهُ إذَا لم يَنْتَشِرْ ولم يَظْهَرْ له مُخَالِفٌ كان حُجَّةً "
وكثير من الشافعيين الآخرين قرروا ذلك ولله الحمد وتركت ذكر أسماء بعضهم رغبة عنهم لأشعريتهم
6. ابن أبي زيد القيرواني إذ قال في مقدمة النوادر والزيادات : "ليس لأحدٍ أَنْ يُحْدِثَ قولاً أو تَأْويلاً لم يَسْبِقْهُ به سَلَفٌ , وإنه إذا ثَبَت عن صاحبٍ قَوْلٌ لا يُحْفَظُ عن غيرِه من الصحابةِ خِلاَفٌ له ولا وِفَاقٌ , أنَّه لا يسَع خِلافُه. وقال ذلك معَنا الشافعيُّ , وأهلُ العراقِ"
7. قال الطحاوي في أحكام القرآن وهو يتحدث عن الشافعي "كَانَ من قَوْله تَقْلِيد الْوَاحِد من أَصْحَاب رَسُول اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا لم نعلم عَنْ غَيره مِنْهُمْ خلافًا فِي ذَلِكَ" والطحاوي تلميذ المزني تفقه على مذهب الشافعي عليه ثم تركه وصار صاحب رأي لكن الشاهد أنه من العالمين بالشافعي وأصوله
8. منهم تلميذه أحمد بن حنبل
قال الساجي في مناقب الشافعي: "عن صالح بن أحمد, قال: سمعت أبي يذكر الشافعي, فقال: لقد كان إذا جاءه الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة, لم يلتفت إلى غيره" (أسنده الهكاري إليه في كتابه اعتقاد الشافعي ص. 37)
وهذا ما تيسر لي جمعه وأنا في هذا البحث عيال على الشيخ أبي جعفر الخليفي وغيره واستفدت منهم نقولات كثيرة ثم بحثت بنفسي وأضفت ما تيسر لي الوقوف عليه
ومن كان له زيادة أو استدراك فليتفضل بإرساله في التعليقات
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق